ما حكم التأمين على الحياة هل هو حلال أم حرام ؟
السؤال السادس :
يستفسر الكثير من الناس عن التأمين على الحياة : حلال أم حرام بعد أن تعددت الشركات الخاصة به ، وتعددت الطرق المتبعة في دفع الأقساط وطريقة دفع قيمة التأمين ، وهل هناك مقامرة في مثل هذه العقود الخاصة بالتأمين على الحياة ؟ وهل مثل هذه العقود يمكن أن تندرج تحت عقد المضاربة ؟
الجواب:
أولا وقبل كل شيء ، نحب أن نقول إن ديننا الحنيف يدعونا إلى الطمأنينة والأمان والأمن ويحثنا على التضامن والتكافل ، وأن يعيش المؤمن مطمئنًا على نفسه وأسرته في اليوم والغد .
ولكن هذا شيء ونظام التأمين على الحياة ، الذي يسود مجتمعاتنا اليوم شيء آخر .
والتأمين على الحياة ، كنظام اقتصادي ، من عقود المعاوضة المستحدثة ، ومن صور المعاملات الجديدة ، ولم يظهر إلا في وسط القرن الرابع عشر الميلادي ، أي بعد عصر الأئمة والفقهاء ، وقد دخل بلادنا عن طريق شركات أجنبية استعمارية .
وحرم كثير من الفقهاء والعلماء المحدثين نظام التأمين على الحياة ، لأنه قائم على الجهالة والتغرير وفيه شبهة المقامرة وعدم الثقة بالقضاء والقدر وبالنسبة للتغرير الموجود في نظام التأمين على الحياة ، فإن شركة التأمين لا تعلم على وجه التحديد كم قسطًا سيسددها المؤمن قبل أن يدهمه الموت أو تحل به كارثة ، ولا يمكن لأحد المتعاقدين أو كليهما « وقت العقد» معرفة مدى ما يعطي أو يأخذ ، بمقتضى هذا العقد والضرر والمخاطرة مبطلان للعقود في الإسلام .
أما المقامرة الموجودة في عقود التأمين على الحياة ، فعقد التأمين ينص عادة ، على دفع مبلغ محدد للمؤمن له أو لورثته عند موته ، وقد يموت المؤمن بعد دفع القسط الأول وحده ، أي دون أن يدفع أقساطًا كان من المفروض أن تصل إلى عشرين أو ثلاثين سنة ، وحينئذ تدفع الشركة مبلغًا كبيرًا دون أن تكون قد ظفرت بمقابل وهو ما يماثل المقامرة ورأس المال الذي يدفعه المؤمن للشركة لا يمكن تحديده لأنه ينقطع بوقوع الحادث ، فهناك جهالة في القدر .
كذلك المؤمن عليه ، إذا أخل بالالتزام نحو الشركة وعجز عن دفع بعض الأقساط ، بعد دفع بعضها . يضيع عليه ما دفعه أو جزء كبير منه وهذا أقل ما يقال فيه أنه شرط فاسد .
وبعض شركات التأمين على الحياة تدفع للمؤمن عليه ، إذا انقضت المدة المشروطة ، مجموع الأقساط التي دفعها وفوقها مبلغ زائد وهذا ربا .
فعقود التأمين على الحياة « بوضعها الحالي» ذات القسط المحدد غير التعاوني من العقود الاحتمالية التي تحتوي على المقامرة والمراهنة وبهذا تكون من العقود الفاسدة .
وعقود التأمين على الحياة ، لا يمكن أن تندرج تحت عقد المضاربة ، لأن هذا العقد شركة بين اثنين يدفع أحدهما المال ويقوم الثاني بالعمل . وكذلك لا يمكن أن نعتبر ما تدفعه شركة التأمين تبرعًا وما يدفعه المؤمن عليه قرضًا ، لأن المعاوضة قائمة وبذلك يكون قرضًا جر نفعًا ، وهذا هو عين الربا .
ويمكننا كمسلمين أن نستغنى عما فيه شبهة الربا وضرر لنا ، ونحمي أنفسنا من الوقوع في المحظورات . وذلك بأن نستبدل هذه الشركات ، بنظام تعاوني إسلامي سليم يقوم على أساس التبرع بشرط العوض ، فالمؤمن عليه يتبرع بما يدفعه من مال إلى الشركة، على أن تعوضه عند نزول أية حادثة به دون اشتراط . ويمكن للأفراد أن يؤسسوا جمعيات أو صناديق ، ويجمعوا فيها تبرعات من بعضهم البعض ومن يحدث له شيء أو يصاب بمكروه ، يمكن أن تساعده الجمعية من الأموال التي تجمعها ولكن دون أن يشترط المتبرع أن يدفع له مبلغ محدد ، إذا حل به حادث ولكن يعطي من الجمعية أي مال كمساعدة ودون أن يرجع المتبرع بما تبرع به للجمعية أو الصندوق .
وعلى كل فما زالت المعاملات المالية الحديثة ، محل دراسة وبحث وإن حرمها البعض وهم كثيرون ، فلغيرهم وجهات نظر أخرى تجيز التعامل بشرط خلوها من الربا والله أعلم .