الأنوار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات التعليم العامة ( تعليم،برامج ، دين ، ثقافة ، رياضة )
 
الرئيسيةأحدث الصور200التسجيلدخول

 

 الشعر الاسلامي .............. تاريخه ، رواده

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبدو
مشرف
مشرف
عبدو


عدد الرسائل : 201
الموقع : عين الدفلى
المزاج : هاديء
تاريخ التسجيل : 23/06/2008

الشعر الاسلامي .............. تاريخه ، رواده Empty
مُساهمةموضوع: الشعر الاسلامي .............. تاريخه ، رواده   الشعر الاسلامي .............. تاريخه ، رواده I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 25, 2008 2:35 pm

الشعر الاسلامي .............. تاريخه ، رواده 37
الشعر الاسلامي
***********
اختار الشعر لنفسه منذ الأزل سبيلاً ينأى به عن روح العلم, وأوشك أن يكون حديثاً خاصاً لإذاعة ما تضج به الخواطر من عواطف وانفعالات وعلى هذا الأساس تكوّن الذوق العام فوضع كل ما هو شعري مقابل العلمي حتى باتت طبيعة الشعر تتحدد بذاتية المبدع, وأضحت علامة فارقة تميزه, وحتى فيما اتصل بالتكرار وتقرير معاني السابقين في الشعر عُدَّ مثلبةً وعيباً يُسمى في النقد سرقة. وكل ذلك إنما هو إصرار على التفرد والإغراق في الخصوصية, لأن الفن وإن كان يصور فيما يصور روح الجماعة ووجدان الأمة, إلا أنه فردي النوازع, وذاتي التكوين. وهذه المعاني تخالفُ روحَ العلم على كل حال.
ويبدو أن هذه الصفة لازمت الفن عامةً منذ مراحل تكوينه الأولى, أو بمعنى آخر, نشأت هذه الصفة في الفن منذ تكوين المجتمعات الأول ومنذ بدء تأسيس ثقافاتها, وهو أمر يصدق على حال شعر العرب في عصوره الأولى. ومع تقادم الأزمنة حدث نوعٌ من التقارب بين الشعر والعلم في حياة العرب المسلمين, ولوحظ هذا التقارب يبرز بقوة كلما آلت تلك الحياة إلى التطور باتجاه العلم, ولا عجب بعدئذ أن يكون العصر العباسي في حياة العرب المسلمين من أهم الأعصر التي تمثل فيه اللقاء المستمر بين العلم والشعر. ونشأت في ضوء ذلك ظواهر مهمة تؤكد هذا اللقاء أبرزها على الإطلاق المنظومات.
ربما كان الهدف الأساسي الذي كمن وراء ظهور المنظومات في الشعر الإسلامي هو الحاجة الملحة لحفظ العلوم, أو قواعدها الأساسية, فالذهنية العربية تنزع إلى ثقافة شعرية في الأصل. وفي عهد تفوقها العلمي وجدت في الشعر وسيلة يسيرة على المتعلمين كي يحفظوا في البدء القواعد والمتون اللغوية, لذا سارع العلماء منذ وقت مبكر من عهد الأمويين إلى نَظْم جملة من القواعد الأساسية في النحو خاصة, ثم اشترك الشعراء بنظم أبنية اللغة وحولوا قسماً من أراجيزهم إلى متون لغوية, وجد فيها اللغويون بعد ذلك مادة لبحوثهم, كما هو الشأن عند العجاج على سبيل المثال.
وحتى إذا ما نشطت حركة العلم والتأليف والتعليم في العصر العباسي وجدنا كثراً من الأدباء يتهافتون على النظم, وكان من نتيجة ذلك أن انحرف قسم من الشعر عن طبيعته وباتت الصلة بينه وبين العلم أوثق. أو قل إن شئت إن طائقة من الأدباء العرب والمسلمين آثروا الإسهام فعلياً في حركة العلم الواسعة التي بدت سماتها تظهر بوضوح في العصر العباسي. وهذا التوجه الجديد إنما هو حالة تعكسها تلك الحاجة في نفس العرب المسلمين إلى كل ما هو علمي, بعد أن كان شغلهم الشاغل الأدب والتغني بالوجدان, وقد يكون القرآن الكريم في دعوته إلى العلم من الأسباب المهمة التي وهّجت في نفوسهم الرغبة إلى العلم والتعليم. فلو نظرنا إلى كلمة (علم) وما يتفرع منها لوجدنا أنها أكثر الكلمات تكراراً في القرآن الكريم, فقد جاءت ألفاظ مثل: علم وعلمت وعلمه واعلم وتعلمون ونعلم ويعلم.. في نحو (855) موضعاً, وهذا بحد ذاته حافز للعلم والتعلم, أضف إلى ذلك حالة الاستقرار النسبي الذي آلت إليه حياة العرب والمسلمين في الأمصار بعد توقف حروب الفتوح, واطّلاعهم على ذخائر الأمم المغلوبة وكنوزها في العلم والمعرفة.

المنظومات :
عرف شعر النظم منذ وقت مبكر من العصر الأموي كما ذكرنا قبل قليل, وقد ظهرت قصائد تُعنى بجمع ألفاظ وتقيّد بعض قواعد النحو لغرض تعليمي, ثم تطور النظم ليغدو فيما بعد سجلاً للحوادث التاريخية وقواعد العلوم المختلفة, فمن المنظومات التعليمية أُرجوزة إسحق بن خلف البهراني وأرجوزة الكسائي في النحو, ومن المنظومات العلمية التي صاغت ضروباً من العلوم قصيدة الحكم بن عمرو البهراني في الحيوان, وقصيدة أبان اللاحقي في حكم الهند, وله قصيدة أخرى في نظام الكون سمّاها ذات الحلل, وقصيدة لإبراهيم بن حبيب الفزاري في علم النجوم, وقصيدة للجرمي في التاريخ, وقصيدة لعلي بن الجهم في بدء الخليقة, وقصيدة لابن المعتز في أحداث عصره, وأرجوزة لأبي العتاهية في الحكمة والموعظة, وأرجوزة لابن سينا في الطب وفي النفس. وفي العصور اللاحقة ظهرت منظومات كثيرة لا يتسع المجال هنا لذكرها.
والمنظومات عامة كما يقول الباحثون لم يتأتَ فيها شعرٌ جيد. فقد استحال أكثرها قوالبَ لفظية وأقوالاً علمية. غير أنها عظيمة الفائدة وشديدة الدلالة على الحال العلمية للعصور الإسلامية, وهنا لا بد من التعرض إلى دراسة مضامين المنظومات الكبرى للتعرف على خصائصها وفوائدها.
1- ذات الأمثال لأبي العتاهية إسماعيل بن القاسم المتوفى سنة 211هـ: لا شك في أن أرجوزة أبي العتاهية المسماة بذات الأمثال من أشهر شعره, فقد قال فيها صاحب الأغاني: "وهذه الأرجوزة من بدائع أبي العتاهية, ويقال إن له فيها أربعة آلاف مثل, منها قوله: حسبك مما تبتغيه القوت..".
وقد ورد ذكر هذه القصيدة إضافة إلى كتاب الأغاني في معاهد التنصيص (2/283) وفي شرح نهج البلاغة (1/235) وفي عيون الأخبار (185) وفي محاضرات الراغب (2/143) وفي نهاية الأرب (3/77)... ويبدو أن القصيدة لم تصل إلينا كاملة حسب الإشارة الواردة في كتاب الأغاني "أن له فيها أربعة آلاف مثل" فعدد الأمثال في القصيدة المثبتة اليوم في ديوانه أقل من ذلك بكثير, فقد جمع المحقق منها (320) بيتاً جاء فيها:


الحَمْدُ للّهِ علَى تَقْديرِهِ وَحُسْنِ ما صَرَّفَ مِنْ أمُورِه
الحَمدُ للّهِ بحُسنِ صُنْعِهِ شُكراً على إعطائِهِ وَمنْعِهِ
يَخيرُ للعَبْدِ وإنْ لَمْ يَشْكَرْه وَيَسْتُرُ الجَهْلَ على مَنْ يُظْهِرُه

وبعد هذه المقدمة التي تستغرق تسعة أبيات يبدأ توالي الأمثال في القصيدة كقوله:

حَسْبُكَ ممّا تَبْتَغِيهِ القوتُ ما أكثَر القوتَ لِمَنْ يموتُ
إن كانَ لا يُغْنِيكَ ما يكْفِيكا فكُلُّ ما في الأرضِ لا يُغْنِيكا
الفقْرُ فيما جاوزَ الكَفافا من عرَفَ اللّهَ رَجا وَخافا

ومن الواضح أن توالي الأمثال في هذه الأرجوزة يأتي بلا رابطة بين مثل وآخر, فصفة التفكك واضحة هنا, غير أن الشاعر كما أظن أوْجَدَ ما يشبه الفواصل بين مثل وآخر, نلحظ ذلك أحياناً في تقديمه المثل بشيءٍ منالتمهيد كقوله:

اللّه حَسْبي في جميع امري بِهِ غَنائي وإليّهِ فَقْري
لَنْ تُصْلِحَ الناسَ وَأَنْتَ فاسِدُ هَيْهات ما أبعد ما تُكابِدُ
وهذا إنما يدل على شيء من الترابط بين الأمثال, ومن المحتمل أن صورة القصيدة الحقيقية أكثر ترابطاً عما هي عليه الآن في ضوء اضطراب ترتيب أبياتها وضياع قسم منها كبير.
والأرجوزة بصورة عامة مرضية للذوق, وأشاد بها غير واحد من الأدباء وحفظت منها أبيات اشتهرت على ألسنة الناس منها:
عَلِمَت يا مُجَاشِعُ بنُ مَسْعَدَهْ أن الشّبابَ والفراغَ والجِدَهْ
وورد في الأغاني أنه قيل لأبي العتاهية: أي شعر قلته أجود وأعجب إليك قال: قولي: علمت يا مجاشع بن مسعدة, وقولي:
يا لِلشَّباب المَرِحِ التَّصَابي رَوِائِحُ الجنّة في الشَّبابِ

2 - المحبرة في التاريخ:
تنسب هذه القصيدة لعلي بن الجهم بن بدر الشاعر العباسي المشهور وقد ذكر القصيدة المسعودي في مروج الذهب, وأبو زيد البلخي في البدء والتاريخ (2/85) وغيرهما. وقد وقعت القصيدة في (333) بيتاً مثبتة في ديوانه المطبوع وقد بدأها بقوله145)
الحمدُ للّهِ المعيد المبدي حمداً كثيراً وَهو أَهلُ الحمدِ
ثُمَّ الصلاة أولاً وآخراً عى النبيّ باطناً وظاهرا
فهذه المقدمة كما هو واضح شبيهة ببداية قصيدة ذات الأمثال السابقة, وهي غريبة عن مقدمات الشعر المعروفة, مما يدنيها من مقدمات الكتب والتوليف, فقد جرت المؤلفات العربية والإسلامية في مختلف موضوعات العلم على الابتداء بحمد اللّه تعالى والصلاة على نبيه الكريم, وبعد ذلك يمضي ابن الجهم على منهج المؤلفين في مقدماتهم حيث يذكر موضوع قصيدته فيقول:
يا سائلي عن ابتداءِ الخلق مسألةَ القاصد قصدَ الحقِّ
أخبرَني قومٌ من الثقاتِ أولُو علومٍ وأُلو هَيّئاتِ
تقدَّموا في طلبِ الآثار وعرفوا حقائقَ الأَخبارِ
وفهموا التوراةَ والإِنجيلا وأحكموا التنزيلَ والتأويلا
أَنَّ الذي يفعلُ ما يشاءُ وَمنْ لهُ العزةُ والبقاءُ
أَنْشأ خلقَ آدمٍ إنشاءا وَقَدَّ منه زوجَهُ حَواءا

ومن الواضح أن ابن الجهم يتكئ على مناهج العلماء في الإخبار فهو يهتم بالإسناد, ويستخدم ألفاظ العلماء في قوله (أخبرني والثقات) ثم يذكر الحوادث التاريخية ابتداء بخلق آدم عليه السلام وانتهاء بالخلافة العباسية, أو إلى الزمن الذي عاش فيه, يقول في خاتمة قصيدته:

وكان في العشرين من ولاتِها من آل عباسٍ ومن حماتها
فنحنُ في خلافةٍ مُباركة خلتْ عن الإضرارِ والمشاركة
فالحمدُ للّه على إنعامهِ جميعُ هذا الأمر من أحكامه
ثم السلامُ أولاً وآخراً على النبي باطناً وظاهراً
وابن الجهم في سرد أحداث التاريخ بهذه الصورة الموجزة إنما يسجل خلاصة هذه الأحداث وما هو مشهور منها, ولا شك في أن هذه الأرجوزة عظيمة القيمة في اختزالها الأحداث المشهورة منذ بدء الخلق وحتى زمنه, فذكر خلق آدم وحواء وإقامتهما في الجنة, ثم اغترارهما بإبليس وهبوطهما منها, ثم تحدث عن رحلتهما في الحياة وإنجابهما, وخبر ولد آدم, وخبر الأنبياء الذين بعثهم اللّه تعالى لبني آدم, وذكر شيئاً من أخبار الفرس والروم وأيام العرب قبل الإسلام, وفصّل في تاريخ المسلمين بدءاً بحياة الرسول الكريم وانتهاءً بخلافة بني العباسي.
وتتميز هذه القصيدة عن سابقتها بالترابط والتسلسل بحكم موضوعها التاريخي. ويستطيع القارئ ملاحظة اهتمام ابن الجهم بتفصيلَ التاريخ الإسلامي في القصيدة في حين أنه أوجز القول في حديثه عن تاريخ الفرس والروم على سبيل المثال, والطريف في الأمر أنه كان يعلل إذا أوجز أو أطنب كقوله:

والفرسُ والرومُ لهم أَيامُ يمنعُ من تفخيمها الإسلامُ
وإنّما يَقْنَعُ أَهلُ العقلِ بكتبِ اللهِ وقولِ الرسلِ

وهذا إنما يبين غايته من نظم التاريخ, فتركيزه علي تاريخ الأديان وأيام الرسل مؤداه الموعظة والاعتبار.

3 المزدوجة في أحداث عصر بني العباس:

نسبت هذه القصيدة لعبداللّه بن المعتز المتوفى سنة 296ه, وقد بلغت (418) بيتاً في ديوانه, متضمنة أهم أحداث عصره, ويستطيع القارئ أن يلاحظ في هذه القصيدة جانباً من النقد أو اللوم العنيف الذي يوجهه الشاعر للذين تلاعبوا بالخلافة العباسية, ومن الناحية الشكلية ينحو ابن المعتز في بناء قصيدته نحو سابقيه فيبدأ بحمد للّه تعالى والصلاة على نبيه الكريم:

باسمِ الإلهِ الملِكِ الرّحمَنِ ذي العِزّ والقُدرَةِ والسلطانِ
الحَمدُ للهِ على آلائِهِ أَحمَدُهُ والحمدُ من نَعمائِهِ
أَبدعَ خَلقاً لم يك فكانَا وأَظهَرَ الحَجةَ والبَيانا
وَجَعلَ الخاتمَ للنُبوّهْ أَحمدَ ذا الشّفاعةِ المرجوّهْ
الصّادَقَ المُهذَّبَ المُطَهّرا صَلّى عليهِ رَبُّنا فأكثرا

ثم يذكر ابن المعتز كثيراً من الأحداث الناجمة عن سوء الإدارة العباسية في أيامه مثل قوله:

قامَ بأمرِ المُلكِ لما ضَاعَا وكانَ نَهباً في الوَرى مُشاعا
مُذَلَّلاً لَيستْ لهُ مهابه يخافُ إن طَنّتْ به ذُبابَه
وَكلَّ يَومٍ مَلكٌ مقتولُ أو خائِفٌ مرَوَّعٌ ذليلُ
أو خالِعٌ للعَقدِ كَيما يَغنى وذاكَ أَدْنَى للرّدى وأدنَى
وكَّلّ يومٍ شَغَبٌ وغَصبُ وأَنْفسٌ مقتولةٌ وَحربُ
وكم فتىً قد راحَ نَهباً راكبا إمّآ جليسَ مَلِكٍ أَو كاتبا
فوضعوا في رأسه السّياطا وجعلوا يردونه شَطَاطا
وكم فتاةٍ خَرَجتْ من منزِلِ فغصبوها نَفْسَها في المحفل

وتمضي هذه القصيدة على هذا النحو مصورة ما آلت إليه الحياة العربية من فوضى واضطراب على المستويات كافة. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هناك عدداً كبيراً من القصائد الشعرية التي التفتت إلى تصوير أحوال الحياة في هذا العصر, منها على سبيل المثال قصيدة أبي يعقوب الخريمي الذي وصف فيها ما حل ببغداد من فتن واضطرابات في عهدي الأمين والمأمون جاء فيها:

يا بؤس بغداد دار مملكة دارت على أهلها دوائرها
أمهلها اللّه ثم عاقبها لما أحاطت بها كبائرها
رق بها الدين واستخف بذي الفضل وعز النساك فاجرها

ولأبي العلاء المعري قصيدة أخرى يتحدث فيها عما أصاب بغداد من كوارث يقول فيها:

مغاني اللوى من شخصك اليوم أطلال وفي النوم معنى من خيالك محلال
مغانيك شتى والعبارة واحد فَرَنْدك مغتال وطرفك مغتال

وكذلك وصف ابن الرومي في قصيدته الميمية ما حل بالبصرة أولها:

ذاد عن مقلتي لذيذ المنام شغلها عنه بالدموع السجام



4-القصيدة المزدوجة في المنطق:

هذه القصيدة من نظم الشيخ الرئيس ابن سينا. وقد تحدث فيها عن آلة علم المنطق وألفاظه المفردة والألفاظ الخمسة ومقولاته العشر وقضاياه, وفي النقيض والعكس والقياس والاستقراء والتمثيل والمقدمات والبرهان والمطالب وتحدث عن الجدل والخطابة والشعر والمغالطة والحدود. وقد وقعت القصيدة في (298) بيتاً. وقد بدأت القصيدة بمقدمة شأنها في ذلك شأن المنظومات الأخرى. ذكر فيها ابن سينا بعد حمد اللّه والصلاة على نبيه الكريم غايته من القصيدة قائلاً:
وهذه الآلة علم المنطق منه إلى جل العلوم يرتقى
ميراث ذي القرنين لما سألا وزيره العالم حتى يعملا

ثم يشرع في التفصيل في قضايا علم المنطق مبتدئاً بألفاظ المناطقة:

اللفظ إما مفرد في المبنى ليس لجزء منه جزؤ المعنى
وهو الذي قيل بلا تأليف كقولنا زيد أو الظريف
أو الذي تعرفه بالقول للجزء منه دل جزء الكل

وقال في النقيض:

إن يتفق قولانِ ف ي الأجزاء في اللفظ والمعنى على السواء
واتفقا في الجزء والزمان والفعل والقوة والإمكان
وفي الإضافات وهذا واجب وذلك الآخر قول سالب
وذاك جزئي وهذا كلي فهو النقيض في جميع القول

ويختتم قصيدته بقوله:

فلنختم الآن الكتاب ختما فقد نظمنا العلم فيه نظما

5- فهذه من أشهر المنظومات الشعرية في أدبنا القديم, وقد برزت في أثناء عرضها صلتها بالعلم والشعر على حد سواء, أو قل إن شئت إنها ذات قالب شعري ومضمون علمي, وهذا إنما يرشدك إلى أنها ليست شعراً خالصاً, وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن تجاري العلم في دقته وشموله, ولهذا تُعَدُّ ملخصات لقواعد العلوم الأساسية, من هنا استبعدها الدارسون عن دائرة الشعر كونها تخلو من عناصره الأساسية المتمثلة بالخيال والعاطفة والانفعال, وهذا لا يعنى أنها عديمة الفائدة, ففائدتها علمية كما رأيت ومنهجها قريب إلى منهج العلم, وقد بنيت على هيئة الكتب في التقديم والعرض والختام, ولهذا وجدنا ابن سينا في قصيدته السابقة يقول:فلنختم الآن الكتاب... يعنيمنظومته.
ولا شك بعد هذا في أن المنظومات كانت حاجة دعت إليها أحوال العصر العباسي العلمية, فهي ليست كما يجمع الباحثون ناجمة عن تأثر العرب المسلمين بما شاع من نظوم في آداب الشعوب الأخرى فحسب, وإنما برزت هذه المنظومات نتيجة تحول طرأ على الحياة الإسلامية منذ صدر الإسلام وحتى بداية العصر العباسي, ومن يستعرض النتاجات الشعرية العربية الإسلامية إلى احتذاء يجدْ أن حركة الشعر عامة بدأت تنحرف شيئاً فشيئاً باتجاه النثر, وما إن انتهى الأمر إلى الأدباء العباسيين حتى وجدنا كثيراً من النقاد والمفكرين يدعون الشعراء إلى احتذاء أساليب النثر في أشعارهم, وهذا التحول إنما حدث بتأثير القرآن الكريم في النفوس كونه أقرب في صورته إلى النثر كما يذهب المرزوقي في مقدمة شرح الحماسة, ولهذا بدأ النقاد يعون تفوق الأشكال النثرية على الشعر. يقول المرزوقي: "ومما يدل على أن النثر أشرف من النظم أن الإعجاز من اللّه والتحدي من الرسول عليه السلام وقعا فيه دون النظم... فلما كان زمن النبي زمن الفصاحة والبيان, جعل اللّه معجزته من جنس ما كانوا يولعون به وبأشرفه, فتحداهم بالقرآن كلاماً منثوراً, لا شعراً منظوماً" ومن هنا نفهم دعوة ابن طباطبا الشعراء إلى احتذاء نماذج النثر ولاسيما الرسائل من حيث تدرج معانيها وحسن تتابعها وحلاوة إخراجها, يقول: "فإن للشعر فصولاً كفصول الرسائل فيحتاج الشاعر إلى أن يصل كلامه على تصرفه في فنونه صلة لطيفة, فيتخلص من الغزل إلى المدح, ومن المدح إلى الشكوى بألطف تخلص وأحسن حكاية بلا انفصال للمعنى الثاني عما قبله, بل يكون متصلاً وممتزجاً معه".
وهذا إنما هو إقرار لتقريب المسافة بين الشعر والنثر خاصة وبين الأدب والعلم عامة, لأن النثر هو وعاء العلم, ومن هنا انصاع قسم من الشعر من حيث موضوعاته ليستوعب جانباً من العلوم, ,وبذلك عبّر عن انتمائه إلى عصره قبل كل شيء, خصوصاً وأن السمة العلمية كانت غالبة على ملامح الحياة العلمية كما كانت غالبة على ملامح الحياة الإسلامية في العصر العباسي.
ولا ننكر بعد ذلك كله صلة المنظومات الإسلامية بما كان موجوداً على شاكلتها في تراث الشعوب الأخرى, ولكن هذا التأثير لم يكن السبب الأساسي الوحيد في ظهورها, فظهورها مرتبط بحاجة المجتمع الإسلامي إلى حفظ العلوم, وهذا لا يمنع على أية حال أن يتمثل الأدباء التجارب السابقة المشابهة بمصادرها المختلفة.

- أهم المصادر والمراجع :
ابن الأثير محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني:
-"الكامل في التاريخ," دار صادر بيروت 979م.
الأصفهاني, أبو الفرج علي بن الحسين المتوفى 356هـ:
-"الأغاني" تح إبراهيم الإبياري ط دار الشعب القاهرة 1969م.
الجاحظ, أبو عثمان عمرو بن بحر المتوفى 255هـ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.aboubakr.yoo7.com
siham
مشرف
مشرف
siham


عدد الرسائل : 50
العمر : 40
الموقع : بوسعادة
المزاج : مبسوطة دائما
تاريخ التسجيل : 23/06/2008

الشعر الاسلامي .............. تاريخه ، رواده Empty
مُساهمةموضوع: رد: الشعر الاسلامي .............. تاريخه ، رواده   الشعر الاسلامي .............. تاريخه ، رواده I_icon_minitimeالسبت يونيو 28, 2008 9:10 pm

بحث رائع روعة صاحبه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشعر الاسلامي .............. تاريخه ، رواده
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأنوار :: المنتدى الأدبي :: أعلام الأدب العربي-
انتقل الى: