الأنوار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات التعليم العامة ( تعليم،برامج ، دين ، ثقافة ، رياضة )
 
الرئيسيةأحدث الصور200التسجيلدخول

 

 الحركة النقدية المعاصرة .. المعطيات.. والآفاق د.حسن بن فهد الهويمل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بولنوار
المدير العام
المدير العام
بولنوار


عدد الرسائل : 262
الموقع : بينكم
المزاج : هادئ جدا جدا
تاريخ التسجيل : 22/06/2008

الحركة النقدية المعاصرة .. المعطيات.. والآفاق د.حسن بن فهد الهويمل Empty
مُساهمةموضوع: الحركة النقدية المعاصرة .. المعطيات.. والآفاق د.حسن بن فهد الهويمل   الحركة النقدية المعاصرة .. المعطيات.. والآفاق د.حسن بن فهد الهويمل I_icon_minitimeالجمعة يوليو 18, 2008 12:11 am

وحديثي عن الحركة وتحولاتها لن يكون إقليمياً، وإن اضطررت إلى ضرب الأمثال ببعض رموز الإقليمية وقضاياها. فالحركة النقدية في (المملكة) مُسَيَّرة لا مخيرة، ومقتفية لآثار من سبق،

وهي بهذا ليست بدعاً من الحركة النقدية في الوطن العربي، ف(العقاد) مرتهن ل(هازلت) و(طه حسين) ينسل من جحور كثيرة، أهمها النظرية الاجتماعية عند (تين)، و(مندور) ملتف بعباءة (اللانسونية)، ولك أن تبحث عن رموز الحداثة والتجديد أمثال (أدونيس) و(عصفور) و(صلاح فضل) و(عبدالملك مرتاض)، وكل أولئك دُرست مناهجهم وآلياتهم بكتب مستقلة، أو ضمن دراسات للمناهج النقدية الحديثة واكتشفت مصادرهم التي يدعون أُبُوتها، ولا يدعونها لآبائها، ولو تجاوزنا إلى المغرب العربي لوجدنا (مفتاح) و(يقطين) و(لِحْمِداني)، خير من يمثل المناهج اللغوية الغربية، ولن أكون متحاملاً إذا قلت إن المشاهد النقدية العربية تمثل حيازات للنظريات النقدية الغربية، ولكنها حيازات متفاوتة في ذاتها، فمنها ما يتسم بالوعي والتمكن، كالمشهد المغاربي، ومنها ما يتسم بالشمولية والتعددية كالمشهد المصري، ولسنا بصدد المفاضلة، ولكننا نود أن نعرف أبعاد تلك الحركة من خلال رموزها ونظرياتها.

وعندما تحولت المركزية إلى المتلقي، استفاض القول عن نظريات المعرفة والتلقي، واتسع الحديث عن (التأويل) و(التفكيك)، ويقيني أن (التأويلية) التي توسل بها أصحاب النحل والملل لاستدراج النص المقدس إلى حوزتهم، أمدت (التفكيكية) أو تقاطعت معها دون تواطؤ، وكلتاهما أكرهتا النص على الانزياح، واستيعاب الدلالات المرادة، لا المتضمنة، والعدول أو الانزياح، بوصفهما مطلباً رئيساً لا يكتفي بهما التفكيكي، بل لا يستحضرهما، وهو يقترف جناية المضاهاة بخلق دلالة أخرى بحجج واهية. والركون إلى (التفكيك) عزز (علم الدلالة) حتى أصبح قضية مستقلة، ألفت فيها كتب كثيرة مثل (مدخل إلى علم الدلالة) ل(فرانك بالمر) و(علم الدلالة) ل(جون لاينز) و(علم الدلالة) ل(بير جيرو)، وأخرى عربية مثل (علم الدلالة العربي) ل(فايز الداية)، ولما لم يكن هناك متسع من الوقت لتقصي مفاهيم تلك النظريات فإنني أحيل المتابع إلى المهتمين بتحرير المصطلحات أمثال (عبدالواحد لؤلؤة) و(أحمد مطلوب) و(محمد مفتاح) و(عزت محمد جاد) و(يوسف خياط) و(مجدي وهبة) و(البازعي والرويلي) و(سعيد علوش)، وعشرات غيرهم تعقبوا الظواهر النقدية الحديثة فأرخوا لها وعرفوها، وكشفوا عن مصادرها الفلسفية والجمالية والمعيارية.

ولقد منيت الحركة النقدية بتحولات تعالقية واعية عند الأساطين، وغير واعية عند المتهافتين، وهم السواد الأعظم، وهذا التعالق أدى إلى ارتباك مخل في مسيرة النقد، ومن هذه التعالقات المربكة ما عرف بمصطلح (الكتابة)، الذي أنشأه -على غير سابقة- (البنيويون) الفرنسيون بوصف الكتابة جماع الأنواع الإبداعية القولية، ولقد اضطربت المفاهيم حول مشمولات هذا المصطلح، ومنشأ هذا الاضطراب التفريق بين الكتابة والنص أو النظام والممارسة، أو القدرة ومطلق الأداء، والكتابة الفنية والكتابة التوصيلية المجردة من رغبة الإمتاع. والمتلقي العربي قد لا يكون مستوعباً لأبعاد النظرية، وليس لديه الوقت الكافي لمساءلتها، والتعامل معها بوعي واقتدار، وتلك المعايشة المتسطحة في كثير من أحوالها، لم تمكن الحركة من فرصة التأصيل والإثراء، علماً أن طبيعة الإبداع العربي تقوم على نوعين يفترقان في الصياغة والدلالة، فالشعرية تباين السردية، ولكل منهما أنواع متباينة حتى أن مفهوم (الأدبية) ظل مجال أخذ ورد، ولم يعه إلا المعاصرون، وإن كان متداولاً في الموروث.

ونظرية (الكتابة) إن صلحت للإبداع الغربي، فهي لا يمكن أن تكون صالحة بذات القدر، وعين المفهوم للإبداع العربي.

وإشكالية مشاهدنا أنها تتلقى الركبان دون أن تتوفر على تفهم للطوارئ، ومدى ملاءمتها لما هو قائم في راهن العالم العربي، إذ ليس من المسلم أن يكون ما هو صالح لحضارة معاصرة صالحاً لحضارة أخرى، فالخصوصيات والأنساق الثقافية تحدد القبول والرفض، والمتنفذون في مشاهدنا لا يقدرون لها قدرها، ولهذا يتلقون المستجد على أنه صالح ومطلوب، والإشارة إلى الخصوصية لا تعني الدخول في مأزق المفاضلة، فالخصوصية سمة تميز الأشياء، ولا تفاضل بينها، والمتحفظون على دعوى الخصوصية يربطونها بمأزق المفاضلة والتصدير، وأنا حين أصر على قضية الخصوصية والهوية، لا أجعل من لوازمها المفاضلة أو التصدير، وإنما أومئ إلى وعي التبادل والتفاعل، ومعرفة حدود ذلك.

لقد تناسلت نظريات النقد في أطر متعددة، وسعتها الحضارة الغربية في ظل حرية مطلقة، لا تحكمها مرجعية، ولا تأطرها مسلمات، وكلما ألغيت الثوابت اتسع أفق التجريب، وذلك ما لم يتهيأ إلا للحضارة المادية العقلية الخالصة. وإذ لا نكون بصدد المفاضلة أو التقويم، فإننا لن نوازن ولن نقارن، وحقنا أن نقف عند حد الاستكناه والوصف. لقد هيمنت على المشاهد الغربية مناهج وآليات وأفكار، واختطلت المبادئ مع الإجرائيات، و(الأيديولوجيات) مع الآليات، ولم يكن المستجيب العربي واعياً بهذه الخلطة بالقدر الكافي، ومن ثم استفحلت الإشكاليات حول المحظور والمباح. ونشوء النظريات وتلاحقها أحدث اضطراباً في مشاهد التلقي والتعالق، ف(الشكلانية) و(البنيوية) و(التحليل النفسي) و(الاجتماعي) للأدب و(الابستمولوجيا) و(السيموطيقا) و(التحويلية) و(التقويضية) و(النقد الثقافي)، وتنازع المركزية بين التكوينية والنصوصية، والمتلقي، لم يدع ذلك كله فرصة للتأمل والتقويم، لقد استحضرت النظرية النقدية التراثية ركني النص: اللفظ والمعنى، واستطاعت استكمال متطلبات الركنين، ويكفي أن نضرب المثل بنظرية (النظم) عند (الجرجاني)، التي أهملت، ولم تطور، ولم تستخدم مع تعويلها على البنية وقيامها بمهمة تفكيك النص.

والحركة النقدية المعاصرة لما تزل مرتهنة للنقد الأدبي الغربي، وما يتصل به من ضروب المعرفة، فالحركة النقدية في الغرب وصلت حبالها بشتى العلوم الحديثة، كعلم النفس وعلم الاجتماع وسائر المعارف، وفي كل تواصل مع علم من العلوم تتفلت الألسنة بتهميش ما سواه، ونسيان ما تركه السياق من ركام معرفي، ومن ثم راجت مقولة (موت المؤلف) و(موت النحو) و(موت النقد الأدبي)، ومثل هذه الإطلاقات، وإن لم تكن مقصودة لذاتها، إلا أنها مؤذنة بنفي كل التراكم المعرفي، حول ما سلف من النظريات، ومؤذنة برفض التعايش، والمؤذي أن المقلدين للغربي يتهمون المحافظين والمؤصلين والمجددين بالإقصاء، وهم الذين يمارسونه، والنقد الجنائزي الذي يروجونه يؤكد ممارسة الإقصاء.

ولكيلا نحكم الحركة النقدية بالإخفاقات الإقليمية أو بالممارسات الفردية، نود الإشارة إلى أن الوعي المغربي كاد يقترب من التحرير والتأصيل، وبخاصة فيما يتعلق بالمناهج اللغوية الحديثة، وأستطيع أن أقطع بأن الوعي السليم للحراك النقدي جاء مرتهناً لأفراد من النقاد، وليس سمة للمشهد النقدي، وهناك فرق بين أن يكون الوعي النقدي مشهدياً أو فردياً. وداء المشهد النقدي اشتغال ذويه بالحيازات الوهمية، واستباق المذهبية على حساب الحفريات المعرفية في سبيل الاستكناه، وتفادياً لخلط الأوراق، وتعميم المساءلة، نود الإشارة والإشادة بالنقد الأكاديمي في سائر الجامعات العربية، الذي وجه الدارسين إلى تحرير المسائل وتأصيل المفاهيم، وفق منهج وخطة وآلية محكمة، غير أن الغلبة للنقد الإعلامي الذي خاضه بعض الأكاديميين على استحياء.

وأستطيع أن أقول بأن السمة البارزة للحركة النقدية، أنها مستقبِلة لا منتجة، ومفرعة لا مؤصلة، ومتناحرة حول وهم التبني للمستجد غير الثابت، وإشكاليتها محلياً وعربياً وعالمياً، أنها تتداخل بشكل طوعي مع تيارات ومذاهب ومبادئ ليست وثيقة الصلة بالتعبير الفني الممتع، فالمذهب النفسي والاجتماعي، والمناهج اللغوية الصرفة والتحولات (الأيديولوجية)، تأخذ حيزها في المشهد النقدي، محدثة شقاقاً وتنازعاً وتخلياً عن مهمات الأدب والنقد بوصفهما مجالين يختلفان عن سائر المعارف والعلوم. لقد أدت هذه النزعات المعرفية المعيارية إلى اقتياد الأدب بعيداً عن الجماليات الممتعة، وأذنت للفكر أن يحل محل الوجدان، وأغرت المبدعين بتسييس الخطاب الأدبي و(أدلجته)، والذين رصدوا للنقد الحديث رصداً موضوعياً وتاريخياً، لم يشيروا إلى الإخفاقات التطبيقية، ومن أبرز الراصدين (محمد غنيمي هلال) ومن بعده (عز الدين إسماعيل) و(نبيل راغب) و(كمال أبو ديب).

وما أضر بالحركة النقدية إلا المواطأة المذهبية، ولم يكن التحيز سمة خاصة بمرحلة معينة، بل واكب الحركة النقدية منذ القرون الأولى، ولكن الانحياز المداهن أكثر وضوحاً في العصر الحديث. لقد أسرف (العقاد) في نقده ل(أحمد شوقي) وغفل عن مجايله (المازني)، وما نقم منه إلا لأنه على غير مذهبه، وشعراء (الديوان) جميعاً لم يبلغوا مُدَّ (شوقي)، ولا نصيفه، وهذا الجور وتلك المجاملات أفقدت الحركة النقدية مصداقيتها، وأتاحت الفرصة لمزيد من التكتل المذهبي على حساب النظر المجرد، وهو تكتل تبعي، وليس ابتدارياً، وإن جاءت تبعيته للمستجد، مجسِّرة الفجوات بين سائر الحضارات.

ف(أمريكا) التي تقود العالم ترفض التبعية أياً كان مجالها، متى استطاعت الصدارة، ولهذا عالجت طائفة من النقاد فيها ما آلت إليه أحوال النقد في العشرينات من القرن العشرين، فلقد أحسوا بأن (الأدب الأمريكي) فرع من (الأدب الإنجليزي)؛ لأنه يفتقد الروح الأمريكية، ولهذا جاء كتاب (أمريكا تشب عن الطوق) موجهاً لتكريس الروح الأمريكية. والحركة النقدية المعاصرة تعيش ذات الوضع، فهي تفقد الروح العربية، وهي أحوج ما تكون إلى من يعيد للنقد عروبته. والتمسك بالحق العربي لا يعني الاعتزال، ولا الاكتفاء بالموروث، والذين يقترفون جرائر الذوبان والتلفيق، يرمون المؤصلين بدائهم، ويصفونهم بالانكفاء على الذات، وتقمص الماضي دون تحرف أو تحيز، وكلتا الطائفتين: المنكفئة على الذات، والمنسلخة منها، تقترفان ذنباً واحداً.

لقد رصد (وليم فان) للنقد الأمريكي في نصف قرن، وتكاد تكون خطوات التحول هي ذاتها في النقد العربي المعاصر، وهذه السنن التي استعذب ركوبها رواد الحركة النقدية المعاصرة فوتت على الحركة النقدية فرصة الابتكار والمبادرة والاستجابة للذائقة العربية، فالأخذ بعصم الآخر يحرم الأمة من استغلال طاقاتها وإشباع رغباتها. ولما لم أكن متشائماً، فإن بإمكان المشهد النقدي أن يشب عن الطوق متخذاً طريقه في النقد باتجاه تكريس الذات العربية، التي اقترف سدنة النقد الحديث نفيها من المشهد، والتمكين للطير من كل جنس. لقد أسرع السدنة بالتحول إلى الآخر ومع الآخر، وكرس بعضهم الانسلاخ التام بالتخلي والتجني، وذلك بقيام مدارس أدبية وإنشاء مجلات عربية، تستحث الخطى في سبيل اللحاق بالمستجد الغربي.

وإذا كان ما يسمى بالمجلات (الليبرالية) في أمريكا مثل (الأمة) و(الجمهورية الجديدة) و(السبت الأدبية)، قد حررت ربقة الأدب والنقد الأمريكيين من التبعية، ونجحت في تكريس الذات الأمريكية، فإن مجلات عربية مشابهة مثل (شعر) و(الآداب) و(إبداع) و(حوار) و(أدب) و(أصوات) و(مواقف) و(الثقافية الأجنبية) قد مارست ذات العنف والتطرف، ولكنها نفت الذات لتكرس الغير، وواكب ذلك مؤسسات، ودور نشر، ومؤتمرات، وجوائز، كرست الاغتراب، وأسرعت في الانقطاع، وتلك سمة النقد الأدبي المعاصر، والشعراء والنقاد الحداثيون هم الذين كرسوا الاغتراب، وأتوا الإبداع القولي من قواعده، حين أفسدوا جمالياته بالغموض والانطفاء والانقطاع.

لقد كان بإمكان (الحداثويين) أن يجسروا الفجوات لما يتوفرون عليه من إمكانيات، غير أنهم أرسلوا واردهم ليأخذ ولا يعطي، ويستبدل ولا يتبادل، فكان الاستغراب بكل بشاعته، وإذ تمكنت طائفة منهم من ناصية الفكر والفن، وضربت بسهم وافر، فإن الأغلبية غثاء كغثاء السيل، والزبد يذهب جفاء، والقليل القليل مكث في الأرض، وانتفع منه المشهد النقدي، وإذ لا يكون التيئيس والإحباط وجلد الذات هدفاً، فإننا نشيد بأدوار مارسها حداثويون مكنت الحركة النقدية من استشراف المستقبل، ووصلت حبالها بسائر المستجدات، ولكنها أدوار جاءت على حساب الإرث النقدي والشخصية العربية، وكادت تحمل الغربي على أن يقول: (هذه بضاعتنا ردت إلينا).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://boulanouar.yoo7.com
 
الحركة النقدية المعاصرة .. المعطيات.. والآفاق د.حسن بن فهد الهويمل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأنوار :: منتدى التعليم الجامعي :: دراسات ومقالات جامعية في كل التخصصات-
انتقل الى: