قراءة في "اختيار" الوظائف السردية
على غرار التشكيل اللغوي، يمارس التشكيل الحكائي عملية الاختيار للوظائف من خلال الوعي بأهمية الدلالة التعيينية كمعيار في الوظيفة، وشرط التعيين لازم لبقاء المرجعية الدلالية ممكنة حتى في أقصى درجات الغموض الفني،فالرسالة الكلامية - والجمال جزء منها - ليست في النهاية إلا رسالة خطابية تستهدف متلقيا، وهي في سبيل ذلك لابد أن تبقي على خيوط التواصل والتفاهم ممكنة بين مرسل الرسالة ومن يتلقاها.
والخطاب السردي في مكونه الحكائي يراعي هذه القاعدة فنجد في الوظائف ما يؤدي شرط التعيين الذي يضمن تداولية الرسالة ككل ويجعل تأويل الإيحاء فيها ممكنا وبخاصة الوظائف المفصلية أو النووية فيها، وهذا لا يعني تهميش المكون الإيحائي أو انعدام الوظائف النووية ذات المواصفات الإيحائية ولكن الأعم الأغلب أن تكون دلالة الإيحاء جزئية بالنظر إلى التعيين الذي يميز المكون القاعدي للوظائف.
وعلى هذا الأساس يهيمن المستوى التعييني فنجد في إطاره الوظائف النووية المفصلية التي لا يستقيم الخطاب السردي بدونها، والوظائف التحفيزية التي تكون الإطار للوظائف الأولى سواء في تشكيلها للفضاء الزماني والمكاني أو التسلسل والربط المنطقي كما نجد بعض الوظائف التي تنحو وظائفيتها حسب السرديين نحو اللافاعلية بما يجعلها حشوا تسد به فجوات الخطاب أو تزين به أطره.
أما مستوى الإيحاء فيلعب دورا مهما في تمييز الخطاب السردي في مستواه الفني والجمالي من خلال اختيار وظائف لا تعين مدلولاتها ولكن توحي بها وتؤشر عليها فتكون لدينا وظائف تأشيرية وأخرى إعلامية، وسنجد أن الخطاب السردي باعتباره مشاهد من الحياة يحتاج في الكثير من مقاطعه إلى هذا النمط من الوظائف.
وحيث نقتصر على التقاط الوظائف الأساسية التي تقيم صلب الخطاب السردي في الخطاب المدروس، فإننا سنقرأ فاعلية الاختيار وثماره للوظائف التي تنتشر فيه، وعلاقتها بالممثلين المكلفين بأدائها ومدى الانسجام بين هذه وتلك.
إن الوظائف الأساسية هي العناصر السردية التي لا يستقيم بناء الحكاية بدونها وهذا معيار غير كاف للتحديد، خصوصا في الرواية الحديثة التي تستعين بأبسط الوحدات لتقوم بوظيفة حيوية، كما أن تدخل منظور المتلقي سيعقد كليا مثل هذا المعيار، ومع ذلك سنجتهد في تحديدها بأقل قدر ممكن من الاندفاع وتبرير كل اختيار قمنا به.
لدينا خياران الآن في ترتيب الالتقاط هما: تتبع الوظائف في خطية الخطاب أو تتبعها في خطية زمن الحكاية، إذ للحكاية منطقها الزمني والسببي للترتيب وللخطاب منطقه التخييلي، وبطبيعة الحال الاختيار الأول هو الأسهل والأفضل لأنه لا يجبرنا على القفز إلى تبرير الترابط قبل أن نتدرج إليه في عملية الترابط التي ستتلو تحديد المتتاليات.
والملاحظ أن جميع هذه الوظائف تقوم بها شخصيتان فقط هما السارد و مريم، أما كل ما ورد من أفعال الشخصيات الأخرى فهو مساعد أو عبارة عن وظائف تحفييزية لصناعة الوهم الواقعي أو تنفيذ أغراض تكميلية سنأتي عليها في حينها.
إن الوظيفة الرئيسية التي تعقد الرابطة الدائمة للحكاية ولخطابها هي عملية التذكر والاسترجاع والتي بدونها لا يوجد أي مبرر للتراجع إلى الوراء واستحضار أغلبية أحداث الرواية وشخصياتها، وفي كل مرة هناك مراوحة بين عملية التذكر وربط سلسلة الأحداث بعضها ببعض وبالتالي فإن الوظائف النووية الأخرى ستترتب بالتأكيد على عملية التذكر وهي كما يلي بترتيب الخطاب:
1- رصاصة مجهولة تصيب مريم ص 6
2- مريم في المستشفى ص 7
3- السارد عندها يتذكر ص 7
4- الراوي أستاذها في مادة الفن الكلاسيكي ص 8
5- عندما أصيبت كانت قد ذهبت لنجدة فتى يطلب الماء ص 9
6- تعايشت مع الرصاصة مع أنها من المفترض أن تموت في لحظتها تلك ص 9
7- غلق صالة الرقص واستيلاء البلدية عليها ص 15
8- كانت تريد تقديم شهرزاد قبل أن تموت ص 21
9- بنو كلبون: الثقافة بلية لا نفعل بها شيئا ص 23
10- حراس النوايا: الرقص بؤس ص 23
11- مريم تزوجت وأصابتها دعوة شيخ القرية ص 29
12- أناطوليا تصلها أكثر رسالة تهديد ص 37
13- تعرض البربرية بإدهاش ص 65
14- توقع إضراب مفبرك لتمرير كارثة ص 74
15- الكتابة لمقاومة السرطان ص 75
16- مريم في بلعباس والكتابة الأولى عن الحرية والاشتراكية ص 80
17- مريم لا تعرف أباها ص 80
18- الأب وغيابه الغامض ص 81
19- الأم تتزوج بأخ الزوج ص 81
20- الأم كانت حاملا بمريم قبل الزواج ص 84
21- عقدة العباس بعد اكتشاف الحقيقة واتصاله بالملتحين ص 89
22- أناطوليا وتعليمها الرقص لمريم ص 91
23- غلق المدرسة والصالة ورحيل أناطوليا إلى العاصمة ص 93
23- الرحيل إلى العاصمة والسكنى في بيت البسكري ص 93
24- زلزال أكتوبر والسارد أول من نزل ص 101
25- التعرف على البسكري والخطبة ثم الزواج ص 103
26- فشل الزواج ثم الطلاق والمحاكمة ص 119
27- لولا أناطوليا لانتحرت ص 129
28- "الراي" خرب برنامج أناطوليا ص 142
29- الخريف الغاضب بدأ بباب الوادي ص 145
30- نزلت مع ابنة خالتها إلى الشارع ورأت الشاب يهجم على الثكنة ص 150
31- عرض تجريبي لشهرزاد واستحالة عرضها بعد التهديد بغلق الصالة ص 166
32- الاستغناء عن أناطوليا ومغادرتها للبلد ص 187
33- تدهور حالها بعد عرض شهرزاد ص 195
34- غلق صالة الرقص وكآبة السارد ص 206
35- مريم في برادات الموت ص 213
36- خروجه من المستشفى وفي الطريق يوقفه حراس النوايا ويأخذونه إلى الشرطة للاستجواب ص 218
37- الاستجواب والإهانة والتهمة ورميه في المزبلة فيلتقطه سكير ص 223
38- السارد يقرأ عليها آخر فصول الرواية وموتها ص 221
39- يذهب إلى الجسر لينتحر حيث انتحرت صفية كتو ص 231
40- الفلسطيني يدعوه للمستشفى مع شريط شهرزاد وروايته عن مريم ص 235
41- أرهقت نفسها فتحركت الرصاصة ص 243
42- وزارة الثقافة تعلن عرض شهرزاد ص 245
43- خصومتها مع عمها وحملها إلى المستشفى ص 250
44- ماتت وهو يقرأ عليها الرواية ص 256
45- عند خروجه تذكر صفية كتو ص 259
46- يمزق الوثائق ص 276
47- طالبة تلتقط بعض أوراق الرواية ص 279
[img]
" border="0" alt=""/>[/img]